تحدث الرئيس السوري بشار الأسد عن الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر، وعن الأوضاع الحالية في سوريا ومصر وكافة أنحاء الوطن العربي، مؤكدا في حوار مع رئيسة تحرير صحيفة تشرين السورية الدكتورة رغداء مارديني، أن الشعب السوري صنع حرب أكتوبر بصموده وباحتضانه للقوات المسلحة، التي تعد صانعة تاريخ سوريا منذ الاستقلال بكل التفاصيل العسكرية منها والسياسية، مشيرا إلى أن الشعب السوري مازال ينظر إلى جيشه النظرة نفسها، التي نظر إليها عبر تاريخه بعد الاستقلال، هي نظرة الأمل في أن تتمكن من دحر الإرهابيين وإعادة الأمن إلى سوريا.
وأشار الأسد إلى أن أشياء كثيرة تغيرت خلال الأربعين عاما الماضية، موضحا أنه منذ أربعين عاما كانت ممارسة الخيانة والعمالة مستترة، أما اليوم فأصبحت ظاهرة ومعلنة لا تناقش من منطلق المحرمات لأنها لم تعد من المحرمات، مؤكدا في الوقت ذاته أن أول انتصار وأكبر انتصار اليوم هو أن نقضي على الإرهابيين والإرهاب والفكر التكفيري.
وقال "لو أردنا أن نُجري مقارنة سريعة ومختصرة بين تلك المرحل الماضية وهذه المرحلة، بين أجيال ذلك الزمن وما يعيشه أجيال الوقت الجاري نستطيع القول إنه منذ أربعين عاما كانت الدول العربية موحدة بكل قطاعاتها وبكل جوانبها، إعلاميا، ثقافيا، عقائديا، معنويا، سياسيا، وعسكريا في وجه عدو واحد هو العدو الصهيوني، واليوم نرى أن الدول العربية موحدة لكن ضد سوريا، أي نحن نتحدث عن شيئين متناقضين تماما".
وتطرق الأسد إلى الأوضاع في مصر وسوريا منذ أكتوبر 1973 وإلى الآن، قائلا "في أكتوبر 73، كان الجيشان السوري والمصري يخوضان معركة واحدة ضد عدو واحد هو العدو الإسرائيلي، واليوم للمصادفة في هذه الأسابيع الأخيرة، الجيشان يخوضان أيضا معركة ضد عدو واحد ولكن لم يعد العدو هذه المرة هو العدو الإسرائيلي، بل أصبح العدو عربي ومسلم".
لن نستسلم للإرهاب بعدما رأينا ما يفعله في مصر وليبيا
وتابع الرئيس السوري، مقارنته بين الأوضاع في سوريا منذ أربعين عاما وحتى الآن، قائلا "كانت ممارسة الخيانة والعمالة مستترة، اليوم أصبحت ظاهرة ومعلنة وأصبحت خيارا، خيارا للأشخاص، وللحكومات، وللمسؤولين العرب، يختار أن يكون عميلا أو لا يكون، لا تُناقَش من منطلق المحرمات.. فهي لم تعد من المحرمات، أعتقد أن أهم جانب هو جانب الهوية، الهوية العربية كانت أكثر وضوحا، اليوم بعد أربعين عاما هناك تمزق في الهوية العربية بين التوجه إلى الغرب والانبطاح أمام الغرب، والانبهار بالغرب بلا منطق وبلا عقل، وبين التطرف والانغلاق والتكفير، فالهوية العربية اليوم ممزقة بين هذين الطرفين، طبعا هذا لا يلغي جوانب أخرى إيجابية، ففي الأشهر الأخيرة نرى حالة وعي وطني على الساحة العربية، نتيجة لما مر به العالم العربي خلال العقود الماضية ونتيجة تحولات مرتبطة طبعا بالأزمة الجارية".
الدول العربية كانت موحدة ضد إسرائيل في "73".. والآن تتوحد ضد سوريا
وحول أزمة السلاح الكيماوي السوري، قال الأسد "إنه تم البدء بإنتاجه في الثمانينات لردم الفجوة التقنية في الأسلحة التقليدية ما بين سوريا وإسرائيل، وقلة من الناس يعرفون أن سوريا توقفت عن إنتاج هذه الأسلحة في النصف الثاني من التسعينات، لأنه في ذلك الوقت كان قد تم ردم جزء أساسي من تلك الفجوة على الرغم من تقدم إسرائيل المستمر في الجانب العسكري من خلال الدعم الأمريكي لها، وفي بداية الألفية الثانية كانت سوريا ولا تزال تتقدم في هذا المجال، المجال التقليدي، ولم يعد هناك حاجة كبيرة لهذا السلاح، فقمنا بناءً على هذا بردم الفجوة التقنية في الأسلحة التقليدية ما بين سوريا وإسرائيلة، لأنها لا تريد أن تحرج إسرائيل بهذا النوع من الاتفاقيات على اعتبار أن هذا المشروع يشمل كل الدول بما فيها الكيان الإسرائيلي، وطبعا لم ينجح هذا المشروع كما قلت، والنظرة الآن لموضوع السلاح الكيميائي غير واضحة بالنسبة للكثيرين، البعض ربما يشعر بالراحة لأنه تم استخدام هذه الورقة من أجل تجنب حرب أمريكية مجنونة على سوريا وبالتالي تدمير المنطقة، ومن ينظر إلى أن تسليم سوريا السلاح الكيميائي والتوقيع على الاتفاقية الدولية بالنسبة لهذا السلاح، تحمي سوريا من حرب فهي نظرة ضيقة الأفق، لأن الولايات المتحدة بتاريخها العدواني والتخريبي على مدى عقود من الزمن وبشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية ليست بحاجة لمبررات، هي تستطيع إيجاد مبررات كل يوم، وإذا فقدت مبررا تبحث عن مبرر آخر".
وحول الوضع في سوريا حاليا، أكد الأسد، أن "سوريا أمام خيارين الآن لا ثالث لهما، الأول: أن نستسلم للإرهابيين، ورأينا ما الذي يحصل الآن في ليبيا وماذا فعلوا في مصر وما يحصل في تركيا في المناطق التي بدأ الإرهابيون ينتشرون فيها وفي لبنان وفي مناطق مختلفة من العالم العربي، وبالتالي هذا الخيار غير مقبول، والخيار الآخر هو أن ندافع عن الوطن وعن سوريا ولكن هذا يتطلب، كما طرحت في بداية المقابلة، أن نتوحد مع بعضنا".
"السعودية" و"قطر" و"تركيا" تابعة للأجندة الأمريكية
وتطرق الأسد للحديث عن مواقف عدد من الدول من الأزمة السورية، هي السعودية وقطر وتركيا، قائلا "هذه الدول، كما هو معروف تابعة للأجندة الأمريكية، إذا أردت أن تعرف أين تذهب أو أين تتجه فعليك أن تنظر إلى السياسة الأمريكية، فهي تسير بالاتجاه نفسه، وهذا أمر مفروغ منه، وبشكل أساسي اليوم السعودية وتركيا بعدما تخلت قطر عن دورها لمصلحة السعودية".
وأكد الأسد، في نهاية مقابلته، على الدور الجيش السوري قي حماية البلاد في أكتوبر 73 والآن، والوحدة مع مصر، قائلا "القوات المسلحة لو عدنا لتاريخ سوريا منذ الاستقلال، صنعت تاريخ سوريا بكل التفاصيل، بالأحداث العسكرية منها أو الأحداث السياسية، وفي مقدمتها الوحدة مع مصر التي صنعتها القوات المسلحة بالدرجة الأولى عندما ذهب وفد عسكري والتقى عبد الناصر، هي التي واجهت الإخوان المسلمين، وهي التي ساهمت في توحيد لبنان وغيرها من الإنجازات".